بعد لقاءات رعد الثلاثة... تأويلات وتحليلات وجعجعة بلا طحن

عاجل

الفئة

shadow
*"ليبانون ديبايت" - ريم عبيد* 

اختصرت ردود الفعل على لقاءات رعد الثلاثة الأخيرة الواقع اللبناني المهزوز، الجالس على "صوص ونقطة"، بعد أن أحدثت جدلاً بيزنطيا، حمّله البعض أكثر مما يلزم وترجمه على أنه تحوّل في رأي الحزب بمعركته الرئاسية.
فهل من رابط بين اللقاءات الثلاث التي جمعت كلّاً من رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد والموفد الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان ايف لودريان، ثم الحاج رعد نفسه وقائد الجيش العماد جوزف عون وكذلك الحاج محمد رعد ورئيس تيار المردة مرشح الثنائي سليمان فرنجية ؟
الجواب على هذا السؤال يبدأ من حيث انتهت إليه بعض التأويلات التي تخص لقاءات رعد، والتي اعتبرت أن "حزب الله" بدأ يسحب يده من ترشيح فرنجية، في مقابل ممالحته للعماد عون بعد يأسه من إيصال مرشحه، وقد تقاطعت هذه التحليلات مع تصريح لودريان قبل مغادرته لبنان بعد انتهاء جولته الثالثة حيث أكد أنه من الضروري البحث عن اسم ثالث يتوافق عليه الجميع.
ولكن النتيجة التي توصل اليها لودريان هذه المرة لم تختلف كثيرا عن جولته السابقة والتي أتت بعد جلسة 14 حزيران، واعتبر الأخير أن ما حصل فيها من تعادل سلبي، فتح الباب على خيار الذهاب لمرشح ثالث.
إلا ان جواب حزب الله كان ثابتا كما في كل مرة، "معركتنا لايصال فرنجية الآن بدأت ونحن مصرون على مواصلة المسار حتى النهاية، خاصة أن ترشيح ازعور كان عبارة عن تقاطع مصلحي تحديداً بين القوات والتيار الوطني الحر، وجلسة 14 حزيران كانت ضربة قاسية للطرف المعارض، بسبب حصول فرنجية على 51 صوت، وهو ما كان صادماً وغير متوقعاً".
وكان "حزب الله" قد شدّد في مناسبات عدة على أن دعمه لفرنجية ليس خياراً كيدياً او اعتباطياً، ولكن لأنه رجل صاحب ثقة، ولا يمكن أن يطعن المقاومة بظهرها ولن يساوم عليها هذا من جهة، ومن جهة أخرى لقناعة الحزب الراسخة بأن رئيس الحكومة لن يكون قريباً من الحزب وحتماً سيكون من الطرف الآخر، وذلك وفقا للتوازنات السياسية المعمول بها في لبنان، هذا فضلاً عن المناصب الأخرى كحاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش التي لن تكون هي أيضاً متوافقة مع رغبة "حزب الله"، وعليه فلا تنازل عن رئيس جمهورية يتوافق مع أهداف الثنائي الشيعي والمقاومة، وهذا الموقف منذ البداية تبلغ لجميع الأطراف وتبلغ أيضاً لرئيس تكتل "لبنان القوي" جبران باسيل في اللقاء الاخير الذي جمعه بأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في تشرين الثاني العام الماضي.
وبالعودة الى لقاءات رعد الثلاثة، فإن لقاءه بلودريان كان برفقة السيد عمار الموسوي المكلف بملف العلاقات الدولية وعادة ما يفضل الفرنسيون أن تأخذ لقاءاتهم البعد الرسمي لذلك فان لقاءات الفرنسيين دائماً تنتهي عند رئيس كتلة الوفاء للمقاومة.
وهنا لا بد من الاشارة الى أن "حزب الله" لديه تقسيم تنظيمي يفرض قواعد معينة، وتكليفات محددة يناط بها صاحب التكليف حصراً، فعلى سبيل المثال مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا هو المولج بالعلاقة والتنسيق مع قائد الجيش، والمعاون السياسي للأمين العام الحاج حسين الخليل موكل بمهمة تنسيق العلاقة مع فرنجية والعلاقات الدولية من اختصاص السيد عمار الموسوي.
ولكن هذه القواعد لم تكن لتتعارض مع شخصية الحاج محمد رعد لكونه شخصية قيادية رفيعة، وهو مطلع على كل المداولات التي تجري بشكل تفصيلي، وهو شريك في اتخاذ القرار في معركة الرئاسة وفي غيرها وكذلك هو على دراية بتفاصيل الحوار الجاري بين الحزب والتيار الوطني الحر، فكان حضوره في اللقاءات الثلاث أمراً عادياً ولم يكن هناك من داع للذهاب بعيداً في التحليلات.
أما لقاؤه بقائد الجيش، فجاء بعد عتب من الأخير نقله عدة مرات خلال الزيارات الرسمية والشكلية التي كان يجريها رعد في المناسبات الوطنية كعيد الجيش في الاول من آب، بأن حزب الله يحصر العلاقة معه في الجانب الأمني ويغيب السياسة كلياً عن أي نقاش، ولكن هذا العتب لم يكن السبب الرئيسي للقاء وإنما جاء نتيجة زيارة اجتماعية قام بها رعد لضابط سابق في الجيش يدعى العميد "دده" في منزله والذي تمنى على رعد ان لا يعترض على حضور العماد عون.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: من هو العميد دده وما الرابط بينه وبين العماد عون ولماذا زاره رعد في منزله؟
العميد المتقاعد أندريه رحال والملقب بـ"دده"، هو المسؤول عن تأسيس العلاقة بين قائد الجيش الحالي والحاج محمد رعد، وهو كان يعمل مع رئيس الجمهورية السابق ميشال عون وكان صلة الوصل بينه وبين حزب الله لفترات طويلة، كما كان صلة الوصل أيضا بين الرئيس عون والرئيس السوري بشار الأسد واللواء علي مملوك في سوريا، وكان مصدر ثقة الرئيس عون قبل ان يتم ابعاده لأسباب معينة.
وبعد ابعاده، تسلم رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل مباشرة مسألة العلاقة مع حزب الله، وكذلك العلاقة مع سوريا انتقلت منه أي (اندريه رحال) الى بيار رفول، الذي اصبح فيما بعد وزيراً ومستشاراً لرئيس الجمهورية، وفي اللقاء الأخير بين عون والاسد كان رفول حاضراً.
ولكن خروج اسم رحال من دائرة العلاقات والتنسيق، لم يضر في علاقته بالحاج محمد رعد اذ بقيت الصداقة تربطهما، وبالفترة الماضية اجرى العميد "دده" عملية جراحية، فقرر الحاج محمد رعد زيارته لتهنئته بالسلامة، وهو بدوره تمنى على رعد ان يكون صهره العماد عون حاضراً، فوافق رعد، وهكذا حصل اللقاء بين الحاج محمد والعميد دده وقائد الجيش خلال هذه الجلسة الاجتماعية.
وكانت الجلسة فرصة للحديث في ملف الرئاسة حيث أكد رعد المؤكد وهو الاستمرار في ترشيح فرنجية، في مقابل تأكيد من العماد عون على أنه لم يعلن ترشيحه حتى اللحظة، رغم الدعم الذي يحظى به خارجياً وداخلياً، وذلك لسببين، الأول هو الظروف التي تمر بها المعركة الانتخابية ورغبته في عدم حرق اسمه قبل تبيان نهاية النفق. والثاني رغبته في الحصول على موافقه حزب الله عليه او على الاقل عدم ممانعته.
اللقاء الثالث، اي بين رعد وفرنجية، جاء بعد التقاء الرجلين في مناسبة اجتماعية، واتفقا على زيارة، وبغض النظر عن ان المكلف تنظيميا بالعلاقة مع فرنجية هو الحاج حسين الخليل، الا ان رعد وفرنجية تجمعهما الصداقة من جهة والزمالة في مجلس النواب من جهة أخرى، وبعد عتب من فرنجية على قلة اللقاءات اتفق الطرفان على موعد، وبالفعل زار رعد بنشعي وكان اللقاء بحضور المحامي سليمان فرنجية وأحد نواب كتلة الوفاء للمقاومة.
وكما حدث في لقاء رعد وعون من تسريبات ولم يصدر "حزب الله" اي موقف، انسحب ذات الامر على لقاء رعد بفرنجية، وكل ما أثير ليس صحيحاً، وإنما العكس تماما هو الصحيح، لعدة اسباب أولها ان رعد ليس الجهة المكلفة بإبلاغ فرنجية تبعاً لقواعد التنظيم والتكليفات في الحزب، ثانيا اللقاء جاء على خلفية مناسبة اجتماعية قررت قبل اللقاء مع العماد عون وأيضا قبل اللقاء مع لودريان، ومع ذلك حين دار النقاش بالملف الرئاسي تم التأكيد على موقف الحزب من ترشيح فرنجية الذي ابدى ارتياحاً لثبات الحزب على موقفه.
إذا لا تنازل عن فرنجية، ولا تحول في موقف الحزب، ولكن لا أمل في جلسة انتخاب قريبة قريبة، وكل انتظار لمآل الحوار بين الحزب والتيار هو انتظار بلا معنى، خصوصا ان الحوار لا زال في بداياته، كيف اذا صحت التسريبات عن نية باسيل للعودة إلى ترشيح أزعور، ما قد يشعل الخلاف من جديد مع الحزب.
وفي المحصلة لا رابط بين الزيارات الثلاث، سوى ان الحاج محمد رعد كان الشخصية المركزية فيها، وما أثير من شائعات وتحليلات بعدها هي جعجعة بلا طحن، ومعركة الرئاسة مستمرة بمرشح واحد للثنائي الشيعي هو سليمان فرنجية، والأمور معلقة الى حين عودة لو دريان أو إعادة تحريك ملف الحوار مجددا.

الناشر

1bolbol 2bolbol
1bolbol 2bolbol

shadow

أخبار ذات صلة